اشعياء 7 - تفسير سفر أشعياء
هذا الإصحاح يختلط فيه نغمتي الرحمة والإنذار، فالله سمح ببدآية الحروب ضدهم مع بدآية حكم أحاز الذي مال للوثنية وازدادت خطاياه جداً. فارتجف أحاز وهنا نري الله الرحيم الذي يرحم ويشجع شعبه يرسل ليشجع أحاز ليجذبه. ومن ص 7 إلي 14 : 28 جري في ملك أحاز بشأن محاربة ملكي أرام وإسرائيل لأورشليم. وسبب الحرب أن ملكي أرام وإسرائيل أرادا التحالف مع مصر ضد أشور، أما أحاز فرأي أن يتحالف مع أشور رافضاً مشورة ملكي أرام وإسرائيل فصعدوا عليه وحارباه ولكنهما لم يتمكنا من دخول أورشليم. وخاف أحاز خوفاً شديداً وأراد الإستعانه بأشور (2 مل 16 : 5 – 18) وأرسل الله لأحاز إشعياء ليشجعه أن يتكل علي الله وينبئه بأن ملكي أرام وإسرائيل لن يفوزا عليه وأن الرب يخلصه منهما دون الاستعانة بملك أشور. بل سأل إشعياء أحاز أن يطلب آية ليتأكد من المعونة الإلهية لكنه رفض أن يسأل آية لأنه كان قد قرر الاستعانة بأشور. وقد قام ملك أشور بقتل ملك أرام وقام هوشع بقتل فقح بن رمليا ملك إسرائيل وملك مكانه. ونجد من آية (17) وما بعدها نبوءة بأن أرض يهوذا ستخرب عقاباً للملك وشعبه لعدم إيمانهم وستخربهم الأمة التي لجأوا إليها واستغاثوا بها.
آية (2،1) و حدث في أيام أحاز بن يوثام بن عزيا ملك يهوذا أن رصين ملك أرام صعد مع فقح بن رمليا ملك إسرائيل إلى أورشليم لمحاربتها فلم يقدر أن يحاربها.و اخبر بيت داود و قيل له قد حلت أرام في افرايم فرجف قلبه و قلوب شعبه كرجفان شجر الوعر قدام الريح.
قارن خوف أحاز بموقف داود "إن قام علي جيش ففي هذا أنا مطمئن" خبرة داود هي خبرة الإيمان. وحلت أرام في إفرايم = أي أن جيش أرام أتحد مع جيش أفرا يم. وأفرايم هو أسم لإسرائيل حيث أنها السبط الأقوى.
آية (3) فقال الرب لاشعياء اخرج لملاقاة أحاز أنت و شآرياشوب ابنك إلى طرف قناة البركة العليا إلى سكة حقل القصار.
ذهب أحاز لهذا المكان ليطمئن علي الموارد المائية لأورشليم وأرسل الله إشعياء له ليطمئنه برجوع البقية (كانت إسرائيل قد أخذت 200.000 سبايا من يهوذا) والله الذي يريد أن يطمئنه بأنه هو الذي يحميه أرسل له إشعياء مع أبنه شآريشوب ومعني أسمه البقية سترجع. وكأن الله يريد أن يقول أنه كما يحمل إشعياء أبنه سأحمل أنا البقية المسبيين وأعيدهم ليهوذا وهذا ما حدث فعلاً وعاد الأسري ليهوذا.
آيات (4، 5) قل له احترز و اهدأ لا تخف و لا يضعف قلبك من اجل ذنبي هاتين الشعلتين المدخنتين بحمو غضب رصين و أرام و ابن رمليا. لان أرام تآمرت عليك بشر مع افرايم و ابن رمليا قائلة.
ذَنَبيَْ = في أحدي الترجمات Tails وفي أخري Stubs أي أصل الشجرة الباقي بعد قطع جذعها، وتعني عَقِب فالعدو ما هو إلا ذيل مدخن الشعلتين المدخنتين هما رصين ملك أرام وفقح ملك إسرائيل. هم هكذا في نظر الله ذنبين لشعلتين مدخنتين لكن غير مشتعلتين فالله وحده هو القادر أن يحرق، ودخان هذين الملكين إشارة لغضبهما وإعلانهما الحرب علي يهوذا.
آيات (6، 7)نصعد على يهوذا و نقوضها و نستفتحها لأنفسنا و نملك في وسطها ملكا ابن طبئيل.
هكذا يقول السيد الرب لا تقوم لا تكون.
أبن طبئيل = أسم سرياني، وكانت المؤامرة أن يتم قتل أحاز وتمليك هذا الآرامي بدلاً منه. ولكن الله لن يسمح
بهذا لكرسي داود = لا تقوم لا تكون.
آية (
لان رأس أرام دمشق و رأس دمشق رصين و في مدة خمس و ستين سنة ينكسر افرايم حتى لا يكون شعبا.
في مدة 65 سنة = هذه المدة تشير للخراب النهائي لمملكة إسرائيل (إفرايم) فخرابها تم علي مراحل المرحلة الأولي = علي يد تغلث فلاسر ملك أشور وذلك في أواخر أيام عزيا حيث قام بسبي جزء من إسرائيل. المرحلة الثانية علي يد شلمنآصر ملك أشور حيث قام بالسبي الكبير لإسرائيل أيام هوشع بن إيلة ملك إسرائيل. المرحلة الثالثة = علي يد أسر حدون ملك أشور الذي أتي بقوم من بابل وكوش وعوا وحماة وسفروايم وأسكنهم مدن السامرة عوضاً عن بني إسرائيل (2 مل 17 : 24) وبذلك قضي علي الأمه وأصبح من المستحيل أن تصير شعباً وهذا حدث بعد 65 سنة من نبوة أشعياء.
رأس أرام دمشق = مهما حاول أن يتسع ملك أرام فمكانه سيظل دمشق ولن يتسع علي حساب أورشليم أي لن يستعمرها.
آية (9) و رأس افرايم السامرة و رأس السامرة ابن رمليا إن لم تؤمنوا فلا تامنوا.
إن لم تؤمنوا فلا تأمنوا = هذه تشبه "لا سلام قال إلهي للأشرار" فأحاز لم يؤمن بل كان ينظر للأمور الحاضرة فقط وإلي الخطر القادم من رصين وفقح فكان يراهما وحوش مخيفة، أما الله فكان يراهما شعلتين مدخنتين هو مزمع أن يطفئهما. لذلك لجأ أحاز في عدم إيمانه لملك أشور وبدون إيمان لا يوجد سلام حقيقي.
آية (10) ثم عاد الرب فكلم أحاز قائلا.
كلم الرب أحاز بفم إشعياء.
آية (11) اطلب لنفسك آية من الرب إلهك عمق طلبك أو رفعه إلى فوق.
كأن الله يريد أن يقول لأحاز لماذا تطلب من ملك أشور ولا تطلب مني وجدعون طلب آية والله لم يحزن فهناك فرق بين طلب الآية في حالة عدم الإيمان وطلب الآية لزيادة الإيمان ولكن أحاز كان قد وضع ثقته في أشور ولم يثق بالله، لذلك قرر أن لا يطلب معونة من الله ولا حتي آية.
عمق طلبك = أطلب ما تريد مهما كان صعبا.
آية (
) فقال أحاز لا اطلب و لا أجرب الرب.
هو جواب يدل علي عدم الثقة بالله تحت صورة مهذبة. فهو قد إتخذ قراراً باللجوء لأشور وليس هذا قداسة منه بأنه لا يريد أن يجرب الرب.
آية (13) فقال اسمعوا يا بيت داود هل هو قليل عليكم أن تضجروا الناس حتى تضجروا الهي أيضا.
توبيخ إشعياء لأحاز هنا راجع لرفض الاستعانة بالله.
آية (14) لكن يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل و تلد ابنا و تدعو اسمه عمانوئيل.
بضم هذه الآية مع (15، 16) يكون المعني أن هناك عذراء ستتزوج (وقد تكون زوجة النبي وأشار إليها بقوله عذراء) وأنها ستلد أبنا وقبل أن يبلغ الصبي سن 3 سنوات يموت الملكين فقح ورصين. وسن 3 سنوات هو السن التي يميز فيها الصبي بين الخير والشر. ولكن صيغة الكلام يعطيكم السيد نفسه آية تدل علي حادثة أعظم من المذكورة. هذه الآية إشارة واضحة لميلاد السيد المسيح من العذراء. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). لذلك قيل أن السيد يعطيكم نفسه آية، وآية أي شيئاً عجيباً، وكان عجيباً أن يتجسد الله. والمسيح هنا منسوب لعذراء وليس لرجل لأنه ليس من زرع رجل، عكس كل المولودين نجدهم منسوبين إلي رجال. هنا نري أن السيد يعطي نفسه آية وليس آية من السماء أو الأرض بل هو نفسه يصير آية، يأتي ويتجسد لا ليخلص من أشور بل من الشيطان والخطية. عمانوئيل = الله معنا فهو سيوجد في وسطنا حينما يتجسد.
عذراء = توجد في العبرية 3 كلمات تعبر عن النساء.
1- بتولية = أي عذراء غير مخطوبة.
2- إيسا = أي سيدة متزوجة.
3- ألما = عذراء صغيرة قد تكون مخطوبة.
والكلمة التي إستخدمها إشعياء هي ألما وهي تتطابق مع وضع العذراء.
آية (15، 16) زبدا و عسلا يأكل متى عرف أن يرفض الشر و يختار الخير. لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يرفض الشر و يختار الخير تخلى الأرض التي أنت خاش من ملكيها.
زبداً وعسلاً يأكل = الزبد خلاصة الطعام الحيواني والعسل هو خلاصة الطعام النباتي.إذاً هو يشاركنا كل طعامنا فهو سيكون له ناسوت حقيقي مثلنا. وقد مات الملكين فعلاً قبل 3 سنوات فتغلث فلاسر قتل رصين وأخذ دمشق وهوشع بن إيلة فتن علي فقح وقتله بعد هذه النبوة بثلاث سنوات تماما.
آية (17) يجلب الرب عليك و على شعبك و على بيت أبيك أياما لم تأتي منذ يوم اعتزال افرايم عن يهوذا أي ملك أشور.
يتكلم الله هنا عن المخاوف الحقيقية وهي من أشور وليس المخاوف الوهمية من رصين وفقح. وكان ملك أشور بدآية ولكن أتي ملك بابل ليخرب خراباً تاما. لذلك فغالباً تشير هذه الآية لملك بابل بالأكثر وسمي ملك أشور:
1) لأن أشور بدأت التخريب أيام حزقيا إذ أحرقت 46 مدينة.
2) أن ملك بابل إمتلك أشور فصار ملكاً لأشور أيضاً.
3) كانت بابل غير معروفة في ذلك الوقت كدولة عظمي بل مملكة تحت حكم ملك أشور.
آية (18) و يكون في ذلك اليوم أن الرب يصفر للذباب الذي في أقصى ترع مصر و للنحل الذي في ارض أشور.
يصفر للذباب = أي للجيوش المصرية (لكثرة الذباب في مصر أو لكثرة عدد جيوش مصر) وللنمل في أرض أشور = أي جيوش أشور ربما لكثرة النمل في أشور والمقصود أن هذه الجيوش، جيوش مصر وأشور ستشارك في خراب يهوذا ولكن لنلاحظ:
1) هذه الجيوش الضخمة في نظر الله ما هي إلا ذباب ونحل والله قادر أن يسحقهم تماماً.
2) هذه الجيوش في يد الله هو الذي يحركها ليؤدب شعبه.
3) الخراب سيأتي ممن أرادت يهوذا أن تتحالف معهم.
4) مصر لم تعاون أشور ضد يهوذا ولكن صراع جيشا مصر وأشور كان غالباً علي أرض يهوذا، فيهوذا كانت بين حجري رحى.
الآيات (19 - 25) فتاتي و تحل جميعها في الأودية الخربة و في شقوق الصخور و في كل غاب الشوك و في كل المراعي. في ذلك اليوم يحلق السيد بموسى مستأجرة في عبر النهر بملك أشور الرأس و شعر الرجلين و تنزع اللحية أيضا. و يكون في ذلك اليوم أن الإنسان يربي عجلة بقر و شاتين. و يكون انه من كثرة صنعها اللبن يأكل زبدا فان كل من ابقي في الأرض يأكل زبدا و عسلا.و يكون في ذلك اليوم أن كل موضع كان فيه ألف جفنه بألف من الفضة يكون للشوك و الحسك.بالسهام و القوس يؤتى إلى هناك لان كل الأرض تكون شوكا و حسكا. و جميع الجبال التي تنقب بالمعول لا يؤتى إليها خوفا من الشوك و الحسك فتكون لسرح البقر و لدوس الغنم.
هنا يشير إلي خراب البلاد بكنآية أخري وهي الحلق بموسي إظهاراً لعظم ما يجري من الخراب في البلاد. الموسى المستأجرة تشير لاستئجار أحاز لملك أشور (2 مل 16 :
هنا نري أن الرب استعمل تلك الآلة أي ملك أشور لإذلال أحاز. و نلاحظ أن حلق اللحية هو علامة المذلة فالأسري كانوا ملزمين بذلك لا إراديا. حلق الشعر = قارن مع المزمور " ما أحلي أن يجتمع الأخوة معاً.... النازل علي اللحية" فالشعر هو الشعب الملتصق بالله وحينما تضايق الله من هذا الشعب (أي الشعر) أمر بحلقه ليتخلص منه. عبر النهر = أي نهر الفرات (إشارة لملك أشور). ولقد حدث هذا فعلاً فملوك أشور حطموا وأزالوا دولة إسرائيل (10 أسباط) وأحرقوا 46 مدينة من يهوذا. وبعد ذلك أتي ملك بابل ليخرب يهوذا تماما.
الإنسان يربي عجلة وشاتين = علامة للفقر أن الغني لن يكون عنده أكثر من ذلك. وقد تشير الآية لأن الرجال (الفلاحين) هجروا الأرض بسبب الحروب والسبي، فتحولت لمراعي للحيوانات ولكن بلا محصولات زراعية طبيعية، الحاصلات المعتادة غير موجودة. وهذا معني ألف جفنه بألف من الفضة فالكرم الكبير الجيد تحول لأن يصبح مكاناً للشوك والحسك فلا توجد أيدي عامله لزراعة الكروم (والشوك والحسك نتيجة للخطية). ومن عدم وجود محصولات لن يوجد سوي نتاج المراعي. زبداً وعسلاً. هذا إشارة إلي خراب البلاد وقلة سكانها من كثرة الحروب والسبايا. بالسهام والقوس يؤتي إلي هناك = أي من كثرة الوحوش التي ازدادت بسبب قلة السكان لا يؤتي إلي هناك إلا بالسهام والقوس. وهذا ما حدث فعلاً (2مل 25:17)[justify]