حي .. وقادم!
فأُخبر يعقوب وقيل له هوذا ابنك يوسف قادمٌ إليك. فتشدد إسرائيل وجلس على السرير ( تك 48: 2 )
يعقوب، ذلك الكهل الكبير الذي تركت الأيام والسنون بصماتها عليه، بل وطبعت تدريبات إله كل نعمة سِماتها على شخصيته، حتى إننا نراه في أواخر أيامه يصل إلى قمم روحية وأدبية عالية وسامية جدًا لم يبلغها إبراهيم أو إسحاق عند نهاية أيامهما التي تميزت ببدايات أفضل جدًا من بداية يعقوب مع الرب. إن ذاك الذي تحوَّل من يعقوب المتعقب لرغباته، الساعي حثيثًا لإدراكها بكل السُبل، إلى إسرائيل، الأمير الذي يأتمر بأمر الله. هو بلا شك يمثلنا ونحن في هذه البرية، نخضع لمعاملات التفريغ الإلهية، وتدريبات وصولنا إلى نهاية ذواتنا ليتعظم في النهاية إلهنا ويملأ المشهد بأسره.
ومن الجميل أن نرى هنا خبرين أنعشا يعقوب جدًا، وكِلا الخبرين تعلق بيوسف الذي هو رمز بارز للمسيح:
الخبر الأول: أن يوسف حي .. وكان رد فعل يعقوب عند ذاك أنه «عاشت روحه» ( تك 45: 27 ، 28). والخبر الثاني: أن يوسف قادم إليه .. فتشدد إسرائيل وجلس على السرير ( تك 48: 2 ).
ولعل نفس هذين الخبرين، هما من أروع الأخبار التي تشددنا كسياح في رحلة غربتنا صوب المجد العتيد وأفراح الخلود.
فالخبر الأول: أنه حي الآن! نعم لقد قام المسيح من بين الأموات وصعد فوق جميع السماوات، وجلس عن يمين عرش العظمة في الأعالي، حي في كل حين ليشفع لنا وظاهر أمام وجه الله لأجلنا ( عب 7: 25 ؛ 9: 24). إن هذا الخبر السعيد معناه أن مقامنا سَما إذ رأسنا في أعلى ذُرى المجد، وأن مقامنا فيه مضمون إذ هو حي في كل حين، وأن كهنوته وشفاعته مقبولان أمام الله ومستمران ما دمنا هنا على الأرض، وما دام هو لأجلنا في السماء. إنه خبر يجعل أرواحنا ”تعيش فينا حقًا“!
أما الخبر الثاني أنه قادم إلينا! أجَلْ. هو قادم خصيصًا لأجلنا كوعده الصادق والأمين «آتي أيضًا وآخذكم إليَّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا» ( يو 14: 3 ). ويا له من خبر سار نعيش كل لحظات العمر على رجاء تحقيقه القريب. إنه لا يوجد خبر يجعلنا نتشدد ونتشجع ونواصل مسيرتنا التي طالت، بنفس القوة والحماس، إلا خبر مجيء المسيح الثاني لاختطافنا بعد قليل جدًا!
ليتنا ونحن نعيش في عالم أخباره كئيبة، نرفع عيوننا إلى فوق حيث أخبار السماء المُفرحة: إنه حي .. وقادم إلينا