أيات تكميلتها توضيها
يقول بولس الرسول فى رسالته الى افسس ( 2 : 9 ) :
( لأنكم بالنعمة مخلصون ، بالايمان 0 وذلك ليس منكم ، هو عطية الله 0 ليس من أعمال كى يفتخر أحد )
هذه آية تبدو صريحة ولكن تمهل قليلا واقرأ الآية التى بعدها مباشرة ( أفسس 2 : 10 ) ، يقول : ( لأننا نحن عمله مخلوقين فى المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعده لكى نسلك فيه ) اذن لا يليلق أن نخطف آية ونجرى قائلين فى خفة : ان الموضوع قد انتهى
· لنأخذ مثالا آخر 0 يقول بولس الرسول :
(فان كان بالنعمة ، فليس بعد الأعمال ، والا فليست النعمة بعد نعمة ( رو 11 : 6 )
ما أجمل أن نتروى قليلا ، ونتابع ما يقوله الرسول فى نفس الاصحاح ، حيث يستطرد : ( 000 أنت بايمان ( لا تستكبر بل خف ( لأنه ان كان الله لا يشفق على الأغصان الطبيعية ، فلعله لا يشفق علينا أيضا 0 فهوذا لطف الله وصرامته ، أما الصرامة فعلى الذين سقطوا 0 وأما اللطف فلك ، ان ثبت فى اللطف ، والا فانت أيضا ستقطع ) 0 ( رو 11 : 10 – 22 )
ما مهنى هذا الكلام ؟ 00 معناه أنك نلت خلاصا بدم المسيح 0 ولكن جب أن تثبت فيه ، والا فانك ستفقده اذا لم تعمل أعمالا تليق بالتوبة 0 لأن الغصن الذى يقطع من الشجرة يهلك ويموت
· مثال آخر ؟ يقول بولس الرسول :
فاين الافتخار ؟ 00قد انتفى ، بأى نامموس ، ابناموس الأعمال ؟ 00 كلا ، بل بناموس الايمان 0 اننا نحسب ان الانسان يتبرر بالايمان دون أعمال الناموس ) ( رو 3 : 27 ، 28 ) 0
ان قرأنا آية مثل هذه ، فلا يصح أن نتسرع ، بل نتابع القراءة لنرى ماذا يقول الرسول بعدها 00 انه يستطرد قائلا بعد هذه الآية مباشرة : ( أفنبطل الناموس بالايمان حاشا ، بل نثبت الناموس )( رو 3 : 31 )
· مثال آخر ، يقول بولس الرسول :
( ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله واحسانه، لا بأعمال فى بر عملناها نحن ، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس 000 ) ( تى 3 : 4 –6 )
لاحظوا أن هذه الآية بالذات تتحدث عن الخلاص بالمعمودية وعمل الروح القدس 0 أما من جهة الأعمال ، فاننا اذا 0 أكملنا ما يقوله الرسول نجده يستطرد مباشرة ( صادقة هى الكلمة ، وأريد أن تقرر هذه الأمور لكى يهتم الذين آمنوا بالله أن يمارسوا أعمالا حسنة 0 فان هذه الأمور هى الحسنة والنافعة للناس )( تى 3 : 8 ) 0
اننى أيها الاخوة الأحباء لست فى المقدمة أناقش الايمان والأعمال ، فموعده فى هذه المحاضرة لم يأت بعد 0 انما أريد فقط أن أوجه الاهتمام الى هذه القاعدة وحدها وهى خطورة استخدام الآية الواحدة 0
ونحن أنفسنا ، لا نسمح لذواتنا بتاتا أن نستخدم هذه الطريقة الخطرة الضارة 0
اننا لا نستخل الآية الواحدة لصالحنا
فمثلا إن وجدنا يوحنا الرسول يقول :
*( إن علمتم أنه بار هو ، فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه ) ( 1 يو 2 : 29 ) 0
إن قرأنا مثل هذه الآية وحدها ، وانما مع هذه الآية نذكر الإيمان والمعمودية وأسرار الكنيسة التى لم تتضمنها الآية مطلقا من حيث اللفظ 0
وبالمثل أيضا إذا قرأنا ليوحنا الرسول قوله :
*( نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة ، لأننا نحب الاخوة ) ( 1يو 3 : 14 )
فلا يمكن أن نتخذ هذه الآية دليلا على أن المحبة وحدها كافية لتخليص الانسان ، ونقله من الموت إلى الحياة !! 0
وكذلك بنفس الأسلوب لا يمكن أن نستعمل الآية التى تقول :
*( الله محبة 0 ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه ) ( 1 يو 4 : 16 ) 0
وبنفس الأسلوب لا يمكن أن نستغل أية آية من الآيات التى تتحدث عن الأعمال وأهميتها ، مثل قول السيد المسيح للشاب الغنى :
*( إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا ) ( مت 19 : 17 ) 0
هل مجرد حفظ الوصايا وحده يكفى ، بدون إيمان وبدون معمودية ؟! ، بلا شك 0 أما الآية فتفهم آخر يتفق مع الملابسات التى أحاطت بها 0
وهكذا أيها الأحباء ، علينا أن نتذكر باستمرار – فى تعرفنا على الايمان السليم – تلك الآية الجميلة التى تقول :
* ( لا الحرف بل الروح 0 لأن الحرف يقتل ، ولكن الروح يحيى ) ( 2 كو 3 : 6 )
فلنبحث اذن عن مفهوم الخلاص مقتادين بروح الكتاب ، لا بحرفه ، محاولين أن نجمع فى صعيد واحد النصوص المتعددة التى تتناول الموضوع 0 لنطرق موضوعنا من جميع نواحيه لا من زواية واحدة فقط ، ولا من ملابسة معينة فقط 0
ونصيحتى لكم أن تبعدوا عن قراءة الكتب الغربية ، التى تبعدكم عن الايمان السليم 0 ونصيحتى أيضا أن تبحثوا الموضوع فى تواضع كثير ، لأن الاعتداد بالذات ، فى الأمور اللاهوتية ، قاد كثيرين الى الهرطقة 0
بعد هذه المقدمة الوجيزة نتحدث عن الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى ووسائطه 0