بدأ الخلاص بموت المسيح على الصليب ، حيث دفع ثمن الخطيئة ،
واشترانا بدمه 0 وكيف يصل إليك الخلاص ؟ يصل إليك بالموت 0 وكيف ذلك ؟ 00 المسيح بموته أعطى الخلاص 0
ولكى يكون لك أنت نصيب فى هذا الخلاص ، لابد أن تشترك مع المسيح فى موته :
تموت مع المسيح ، وتقوم معه ، لكى تتمجد معه 0 ولذلك يقول بولس الرسول ( لأعرفه وقوة قيامته وشركة الامه ، متشبها بموته ) ( فى 3 : 10 ) 0
إن لم تدخل فى هذا الموت ، يلحقك الموت الثانى الذى هو العذاب الأبدى فى بحيرة النار ( رؤ 20 : 14 )
وكيف تدخل فى هذا الموت ؟ كيف تشترك مع المسيح فى موته ؟ إن ذلك يتم بالمعمودية 0 ولهذا يقول بولس الرسول ( أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح ، اعتمدنا لموته 0 فدفنا معه بالمعمودية للموت 00 ( رو6 : 3 ، 4 ) 0
وموتنا مع المسيح ، ودفننا معه ، هو الذى يجعلنا نشترك معه فى أمجاد قيامته 0 ولذلك يقول بولس الرسول ( لأنه ان كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته ، نصير أيضا بقيامته 00 فان كنا قد متنا مع المسيح ، نؤمن أننا سنحيا أيضا معه ) ( رو 6 5 ، 8 ) 0
ناخص الموضوع اذن فى الكلمات الآتية :
أجرة الخطيئة هى موت 0 فلابد أن يموت الإنسان ويدفن 00 ولكن المسيح قد مات عنا 0 وعلينا أن نشترك معه فى موته ، حتى لا نكون بعيدين عن استحقاقات موت المسيح 0
لا يجوز أبداً أن نترك المسيح يموت وحده عنا ، دون أن نشترك معه فى موته ، أو على الأقل نتشبه بموته ، ندحل فى شركة آلامه متشبهين بموته ) وهكذا قال الرسول : ( متنا معه 00 دفنا معه 00 قد صرنا متحدين معه بشبه موته 00 انساننا العتيق قد صلب معه 00 فان كنا قد متنا مع المسيح نؤمن أننا سنحيا أيضا معه ) ( رو 6 : 3 – 8 )
وهذا الموت شرحه الكتاب أنه يتم بالمعمودية 0 نغطس فيها تماما كأننا ندفن فى جرن المعمودية ، كما قال بولس : ( دفنا معه بالمعمودية للموت ) ( رو 6: 4 ) 0 ثم نقوم من هذا الماء فى جدة الحياة ) ( عالمين هذا أن انساننا العتيق قد صلب ليبطل جسد الخطيئة ) 0
المعمودية إذن لازمة للخلاص ، لأنها شركة فى موت المسيح ، لأنها إيمان بالموت كوسيلة للحياة ، واعتراف بأن أجرة الخطيئة هى موت 0
إن الذين يقولون أن الخلاص يتم بمجرد الإيمان وحده ، بدون معمودية ، لم يفهموا بعد ما هو الإيمان 0 فلنحاول أن نناقش الأمر معا لنفهمه 0
ما هو الإيمان ؟ 00 هو أن تؤمن أن الخطيئة أجرتها الموت ، وتؤمن أن المسيح قد مات عنك ، وتؤمن أنك يجب أن تموت معا لتحيا أيضاً معه 000 وهكذا يقودك الإيمان إلى ما قلناه :
قلنا أن الخلاص قد بدأ بالموت 0 موت المسيح 0 هذا هو الخلاص الذى قد قد دفع ثمنه ، وقلنا أننا بدأنا أن نحصل على هذا الخلاص بالموت ، إذ متنا مع المسيح ودفنا معه بالمعمودية 0 هذا هو الخلاص الذى نلناه 0
نقول أيضاً أن هذا الخلاص يستمر بالموت 0
ب _ يستمر الخلاص بالموت :
وهكذا يقول بولس الرسول : ( كذلك أنتم أيضاً ، أحسبوا أنفسكم أمواتاًعن الخطيئة ، ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع 00 إذن لا تملكن الخطيئة المائت لكى تطيعوها فى شهواته
( رو 6 : 11 ،
)
هذا الكلام جميل جداً ، يشرح لنا الإيمان الأرثوذكسى تماما ( لا تملكن الخطيئة فى جسدكم المائت ) 0 لقد دخلنا الخلاص بالموت 0 ولابد أن يستمر جسدنا مائتاً عن الشهوات العالمية 0 وطالما هو مائت ، فان الخلاص يسرى فيه 0 أما أن بدأت شهوات الجسد تقوم من هذا الموت وتتحرك ، فاننا نكون حينئذ عرضة لأن نفقد الخلاص ، لأن الخلاص لا يتم إلا بالموت 0
لذلك فاننا نصلى إلى الله فى قطع الساعة التاسعة ونقول : ( أمت حواسنا الجسمانية أيها المسيح الهنا ونجنا )
ولعل هذا تنفيذ لقول الكتاب : ( ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون )
( رو 8 : 13 ) 0
ألا يقول بولس الرسول : ( إذن الموت يعمل فينا ) ( 2كو 4 :
) 0
وهكذا يقول بولس الرسول أيضا ( لأننا نحن الأحياء نسلم دائما للموت من أجل يسوع ، لكى تظهر حياة يسوع أيضا فى جسدنا المائت ) ( 2 كو 4 : 11 ) 0 ويقول أيضا ً : ( إن كان المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطيئة ،وأما الروح فحياة بسبب البر ) ( رو 8 : 10 ) 0
كما يقول أيضاً : أننا من أجلك نمات كل النهار 0 قد حسبنا مثل غنم للذبح ) ( رو 8 : 36 ) 0 وهكذا نعيش ( حاملين فى الجسد كل حين اماتة الرب يسوع ، لكى تظهر حياة يسوع أيضاً فى جسدنا ) ( 2 كو 4 : 10 ) 0
إذن طالما نسير فى طريق الخلاص لابد ان يكون الجسد ميتاً عن الخطيئة ، لابد أن يعمل الموت فينا 0
انسان يقول إنه قد خلص ، وهو يحب العالم أو الأشياء التى فى العالم ، هذا بالحقيقة واهم ( لأن محبة العالم عداوة لله ) ( يع 4 : 4 ) 0
إن الخلاص يستمر بالموت ، موت أعمال الجسد ، موت شهوات الجسد ،؟ موت عن العالم والمادة وطلباتها المحاربة للروح 0
ما معنى ( نخلص بحياته ) ؟ 00
هنا تقف أمامنا الآية التى تقول : ( لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه ، فبالأولى كثيراً ونحن مصالحون نخلص بحياته ) ( رو 5 : 10 ) 0 ما معنى ( نخلص بحياته ) ؟
أما أن يكون معناها أننا نخلص بحياته كشفيع ، ككاهن إلى الأبد على طقس ملكى صادق (يقدر أن يخلص أيضا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله ، إذ هو حى كل حين ليشفع فيهم ) ( عب 7 : 25 ) 0 فنحن نخلص بحياته كشفيع 0 لأننا باستمرار نخطئ 0 وإن أخطأنا ( فلنا شفيع عند الآب ، يسوع المسيح البار ) ( 1 يو 2 : 1 )
ونلاحظ هنا أن استمرار شفاعة المسيح فينا ، معناه استمرار احتياجنا إلى الخلاص فى كل حين ، واستمرار عمل الخلاص فينا 0
على أن هناك معنى جميلا ً آخر لعبارة نخلص بحياته 0 وهو قول بولس الرسول : ( مع المسيح صلبت ، فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فى )
( غلا 2 : 20 ) يقول : ( مع المسيح صلبت ) ، هذا هو الموت ( صلب الجسد مع الأهواء والشهوات ) كما يقول الرسول ( غل 5 : 24 ) 0
الجسد مع الأهواء والشهوات ) كما يقول الرسول ( غل 5 : 24 ) بهذا نخلص ، عندما يكون المسيح هو الذى يحيا فينا 0 وعبارة ( أحيا لا أنا ) معناها تسليم الإرادة تسليماً كاملاً للرب 0 بحيث يقول الإنسان باستمرار : ( لتكن لا ارادتى بل ارادتك ) 0 يكون كأنه ميت ، غير موجود ، يحيا لا هو ، بل المسيح هو الذى يحيا فيه 0
يقول للمسيح : اننى أخلص بموتك ، وأخلص بحياتك فى ) وهذه هى الفكرة السليمة عن الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى :
نحن قد خلصنا بموت المسيح عندما متنا معه فى المعمودية 0 ونخلص أيضاً بحياة المسيح فينا ، بتسليمنا الكامل لمشيئته فى حياتنا ،
قائلين مع الرسول : ( أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فى )
ج- يتم الخلاص بالموت :
قلنا أن الخلاص يبدأ بالموت فى المعمودية ، ويستمر بالموت عن شهوات العالم 0 فالى متى ؟ 00 يقول الكتاب : ( كن أميناً إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة ) ( رؤ 2 : 10 ) 0 وهكذا يستمر فيك ، حتى يموت الجسد فعلا 0 طالما أنت أنت تميت أعمال الجسد ، لإانت ما تزال سائراً فى الخلاص 0 ومتى تصل إلى نهاية الطريق ؟ 00 تصل إليها عندما تموت ، وتنقل إلى العالم الآخر 0
أنت إذن ما تزال سائراً فى الطريق 0 فهل تقف فى نصفه وتصيح قائلاً ( قد خلصت ) ؟! تواضع يا أخى ، واستمع إلى قول الرسول : ( انظروا إلى نهاية سيرتهم ) (عب 13 : 7 ) 0 لا تفتخر باطلاً ، فكثيرون قد بدأوا بالروح وكملوا بالجسد ( غل 3 : 3 ) 0
على أننا سنعرض لهذا الموضوع بالتفصيل إن شاء الله عندما نتكلم على اتمام الخلاص 0
الأسرار اللازمة للخلاص
هناك أسرار قد لا تلزمك شخصياً لخلاصك 0 فأنت لا تتزوج ، وإن كنت ثمرة لزواج 0 وقد لا تصاب بمرض تحتاج فيه إلى سر مسحة المرضى 0 وقد لا تصير كاهناً وإن كنت تحتاج لسر الكهنوت ليقدم لك عمل الروح القدس فى الأسرار اللازمة لك شخصياً لخلاصك 0 فأنت يلزمك بلا شك سر المعمودية ، وقد تحدثنا عنه – كذلك يلزمك سر مسحة الروح القدس ( الميرون ) ، وسر التوبة ، وسر الافخارستيا ( التناول ) 0
وسنتكلم الأن عن أهمية كل من هذه الأسرار على حدة :
سر المسحة المقدسة
ولما دعا بطرس اليهود للمعمودية ، قال لهم : ( توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا ، فتقبلوا عطية الروح القدس ) ( أع 2 : 38 ) 0 فما هى عطية الروح القدس هذه ؟ 00 وهل هى لازمة فى حياتنا للخلاص وما أهميتها وهل يمكن أن نخلص بدونها 0
لا يمكن إطلاقا أن نخلص بدونها ، لأن حياتنا الروحية كلها هى عبارة عن استجابة إرادتنا لعمل الروح القدس فينا 0 وإن كنا لا نأخذ عطية الروح القدس ، فباطلة وهالكة هى حياتنا عن هذه النعمة التى أخذناها من سر المسحة المقدسة نصرخ باستمرار ونقول : ( روحك القدوس لا تنزعه منا ، ) والا هلكنا 0
إن حياتك الروحية لا تعتمد مطلقا على ذراعك البشرى ، وإنما هى شركة الروح القدس كما سنشرح فى الفصل الخاص بالجهاد والنعمة 0
لابد إذن من سر المسحة المقدسة ، تلك التي تكلم عنها يوحنا الرسول فقال : ( وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شئ ) ( وأما المسحة التى أخذتموها منه ثابتة فيكم ، ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد ، بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شئ ، وهى حق )
( 1 يو 2 : 20 ، 27 )
لكى تعرف أهمية الروح القدس لخلاصك ، نسأل سؤالا وهو : هل تستطيع أن تحيا حياة روحية بدون عمل الروح القدس فيك ؟ 00 هل تستطيع أن تسير فى طريق الخلاص بدون عمل الروح القدس معك ؟ 00 لا يمكن 0 إذن لابد من المسحة 0
لذلك أهتم الرسل بعطية الروح القدس للمؤمن ، وكانوا ينالونها فى بادئ الأمر بوضع أيدى الرسل ، قبل أن يستخدم الميرون 0
نرى ذلك واضحاً فى قصة إيمان السامرة ،
حيث اعتبرت مكملة للايمان والعماد ، يقول الكتاب : ( ولما سمع الرسل الذين فى أورشليم أن السامرة قبلت كلمة الله ، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا ، اللذان لما نزلا صليا لأجلهم لكى يقبلوا الروح القدس ، ؟لأنه لم يكن قد حل بعد على أحد منهم ، غير أنهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع 0 حينئذ وضعا الأيادى عليهم ، فقبلوا الروح القدس ) ( أع 8 : 14 – 17 ) 00
إذن لم تكن المعمودية كافية لأهل السامرة ، بل كان لابد لهم أن يقبلوا الروح القدس 0
نفس الكلام أيضاً 0 يمكن أن يقال عن إيمان أهل أفسس 0
لما ذهب بولس هناك وجد تلاميذ 0 فقال لهم : ( هل قبلتم الروح القدس لما آمنتم ؟ 00 قالوا له ولا سمعنا أنه يوجد الروح القدس ) ( أ‘ 19 : 2 ، 3 ) إذ كانوا قد اعتمدوا بمعمودية يوحنا فقط 0 فلما كلمهم بولس : ( اعتمدوا باسم الرب يسوع 0 ولما وضع بولس يديه عليهم 0 حل اروح القدس عليهم ) 0
إننا بالمعمودية نشترك مع المسيح فى موته ، وننال البنوة 0 وبالروح القدس نحيا الحياة اللائقة بنا كبنين وكلا الأمرين لازم لخلاصنا 0